fbpx

الجمعة 19 رمضان 1445هـ - 29 مارس، 2024

على خطى قطر.. وساطة كويتية بين مصر وتركيا

img

تشهد عودة العلاقات التركية المصرية حالة من المد والجزر في إتمام المصالحة بين البلدين، حيث رأت تركيا أن حواراتها مع مصر لن تصل إلى نتيجة في الوقت الراهن، فلجأت إلى الكويت لمساعدتها على إحراز تقدم، وتخفيف الضغوط الواقعة عليها بسبب تصميم مصر تنفيذ شروطها في ملفي الإخوان والأزمة الليبية.

وكشفت مصادر مصرية أن تركيا تراهن على الوصول إلى صيغة شبيهة بالنموذج القطري مع مصر، حيث سرّعت القاهرة تطوير العلاقات مع الدوحة من دون أن تتمسك بتنفيذ شروطها السابقة، خاصة المتعلقة بالإعلام القطري الذي لا يزال يوجه انتقادات إلى مصر، وجماعة الإخوان التي لم تتلق إنذارات مباشرة بالرحيل من الدوحة، أو مطالبات بتسليم قياداتها للقاهرة.

وأشارت المصادر ذاتها إلى وجود اختلافات كبيرة بين النموذجين والأهداف الاستراتيجية، وهو ما جعل التباين ظاهرا في موقف مصر من قطر وتركيا، وصعوبة تكرار التجربة مع أنقرة التي تتصادم مع القاهرة في العديد من الملفات الإقليمية.

لجأت تركيا إلى الكويت التي لعبت دورا مهما في المصالحة الخليجية مع قطر التي عكسها بيان قمة العلا في يناير الماضي، وذلك لتجاوز الانسداد الحاصل في المحادثات مع القاهرة وحثها على القيام بدور وساطة لتليين الموقف المصري معها.

وأعلن رئيس مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي مرزوق الغانم في مؤتمر صحافي من بروكسل مع رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولو الخميس أن بلاده ستستضيف قريبا اجتماعا بين مسؤولين من مصر وتركيا لبحث الخلافات بين البلدين لإنهاء سنوات من الخصومة.

ولم يوضّح الغانم طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه الكويت لتعويم أنقرة إقليميا، لأنه كشف أيضا عن استضافة بلاده لاجتماع مع مسؤولين سعوديين وأتراك قريبا، قائلا “نحن دائما نحشد جهودنا لتخفيف التوتر في المنطقة”.

وأغرى النجاح الذي حققته الوساطة الكويتية في الأزمة بين كل من مصر والسعودية وقطر على التفكير في إعادة الكرّة مع تركيا، اعتقادا منها بالتشابه النسبي بين الحالتين، ومحاولة تدشين الكويت كلاعب مهم في حل الأزمات الإقليمية.

وزادت القاهرة من تشبثها بأهمية الانتقال من مرحلة الأقوال إلى الأفعال في علاقتها مع أنقرة بعد تيقّنها من عدم حُسن نواياها، حيث تعهدت بخروج قواتها العسكرية والمرتزقة من ليبيا في اللقاء الذي عقده وفدها الدبلوماسي في القاهرة أوائل مايو الماضي، وحاولت في مؤتمر برلين الثاني القفز على هذا التعهد.

وتأكدت مصر من مناورات تركيا عندما زعمت في مارس الماضي أنها وضعت ضوابط على تصرفات قيادات الإخوان في أراضيها، وأخضعت وسائل الإعلام التابعة للجماعة لميثاق الشرف الإعلامي، بينما الواقع يمضي في طريق عكس ذلك تماما.

وأبدت مصر غضبها أخيرا من التصرفات التركية وجمّدت نظريا وعمليا المحادثات معها، عندما عادت أنقرة إلى مناوراتها بشأن الخروج من ليبيا، وغضت الطرف عن عودة حملات التحريض الإخوانية على النظام المصري.

وحاولت أنقرة امتصاص الغضب المصري بتوجيه رسالة جديدة لوقف أربعة من برامج الإعلاميين (معتز مطر وحمزة زوبع ومحمد ناصر وهشام عبدالله) العاملين في قنوات مكملين والشرق ووطن والتي تبث إرسالها من الأراضي التركية.

وأكدت المصادر أن لدى مصر تحفظات كبيرة على تعامل تركيا مع إعلام الإخوان وإجراءاتها في هذا الشأن مترددة وغير كافية، ومازالت تتحفظ على تسليم المطلوبين أمنيا في حين أن هناك اتفاقية لتبادل المحكوم عليهم بأحكام قضائية بين البلدين.

وسلّمت السلطات التركية لمصر من قبل أحد المطلوبين منذ نحو عامين، وهو محمد عبدالحفيظ المحكوم عليه بالإعدام في القاهرة، ما يبرهن أنها منحت الإخوان ضمانات ليظلوا آمنين في حال اكتمال التقارب مع مصر، وأنها ساعية للاحتفاظ بهذه الورقة واللعب بها كلما اقتضى الأمر ذلك.

وتجد القاهرة نفسها أمام تصريحات وليس أفعالا من أنقرة، وتلك نقطة تمثل قاعدة انطلاق نحو التقارب معها من عدمه، ولذلك لم يصل البلدان إلى المربع الذي يفيد بتوازن حقيقي في التقارب بينهما.

وفي حال بعثت مصر رسائل واضحة بتجميد الاتصالات، فإن ذلك يمكن وصفه بـ”سيناريو الانتكاسة” في العلاقات، لكنّ الطرفين حتى الآن لديهما رغبة في استمرار الحوار، وتشترط مصر أن تتم الاستجابة للاستحقاقات كاملة، لأن الرغبة وحدها لن تكفي لاستمرار المستوى الحالي من عدم فقدان الأمل.

وقال الباحث المصري في المركز المصري للدراسات الاستراتيجية أحمد عليبة إن مؤتمر برلين الثاني بدا محطة مهمة لاستكشاف المواقف التركية الحقيقية في الملف الليبي، وكان سبباً رئيسياً في تصاعد الخلاف بين القاهرة وأنقرة.

وأوضح أن تحفظ الوفد التركي على البند الخامس ضمن قرارات مؤتمر برلين والخاص بانسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية جعل مصر تدرك بأنه على أنقرة أن تثبت جديّتها في إنهاء المشكلات العالقة بين البلدين بعيداً عن الأحاديث المتكررة.

وبذل الوفد المصري خلال مؤتمر برلين جهودا سياسية كبيرة لإحباط مخطط تركيا لتمرير مقترحها بشأن اعتبار قواتها “قوات صديقة” (ليست أجنبية)، ولا تسري عليها عبارة “خروج القوات الأجنبية والمرتزقة” التي حواها البيان الختامي.

ولم تقدم تركيا ما يثبت جديّتها في إعادة ترتيب مواقفها المتعلقة بملف شرق البحر المتوسط، ولئن اعتبر وزير الدفاع التركي خلوصي آكار أن اليونان لم تتخذ خطوات فعلية لتحسين العلاقات فإن ذاك أيضا ينطبق على بلاده التي ينبغي عليها أن تثبت نيتها فتح صفحة جديدة في هذا الملف أيضاً مع مصر، وهو ما يعني أن الوساطة الكويتية يمكن أن تصطدم بمطبات إقليمية وعرة.

img
الادمن

العدسة

اترك تعليقاً

العلامات

المنشورات ذات الصلة