fbpx

الجمعة 19 رمضان 1445هـ - 29 مارس، 2024

جدل في المغرب حول قانون المواليد والاعتراف بالجنس الثالث

img

من المقرر أن تباشر قريبا لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكني وسياسة المدينة بمجلس النواب المغربي دراسة مشروع قانون رقم “36.21”،  والذي سيتم بموجبه وضع منظومة رقمية وطنية، وسجل وطني للحالة المدنية في المملكة.

وأثار مشروع القانون الجدل في الأوساط المغربية بين مؤيد ومعارض له في الأوساط الحقوقية، وذلك بعد أن كشفت وسائل إعلام عن بنوده التي أشارت إلى منع ما يسمى “الألقاب التشريفية” عند تسمية المولود مثل سيدي ولالة (السيدة النبيلة باللغة الأمازيغية).

وبموجب مشروع القانون الجديد سيتوجب على الآباء والأمهات اختيار أسماء للمواليد “لا تخالف النظام العام”، وضمن “شروط المواطنة ونبذ المناطقية والنزعات الإقليمية”، كما سيمنع أن يسبق الاسم أي ألقاب تشريفية مثل سيدي ومولاي للذكور وألقاب مثل “لالة” للإناث، ويستثنى من ذلك عائلات الشرفاء (التي تنتمي للنسب النبوي) بشرط تقديم وثائق تثبت ذلك من الجهات المخولة بمنحها.

وينص مشروع القانون على ألا يتبع الاسم برقم كأن يكون اسمه علي الرابع أو فاطمة الثانية، وبالإضافة إلى ذلك يستطيع أي مواطن المطالبة عبر القضاء بتغيير اسمه إذا تقدم بمبررات تثبت وجود ضرورات لذلك الأمر.

ومن اللافت في القانون أنه أصبح يمكن كتابة الاسم بشهادة الميلاد أيضا بأحرف اللغة الأمازيغية (تيفيناغ)، أو الأحرف اللاتينية، مع الاعتراف بجنس “الخنثى”، أو الجنس الثالث، إلى حين إجراء عملية “تصحيح” بحيث يتحول المعني بالأمر إلى ذكر أو أنثى.

وفي حالة المواليد مجهولي الوالدين أو الذين يتركون على قارعة الطريق أمام مسجد أو مستشفى وما إلى ذلك، فإن القانون يخول وكيل الملك في كل مدينة أن يختار لذلك المولود اسما يتضمن الاسم الأول واسم أب واسم الجد واسم العائلة بالإضافة إلى اسم أم واسم جد من جهة أم على أن تكون أسماء الآباء والأجداد مشتقة من أسماء العبودية لله مثل عبد الله وعبد الرحمن وعبد الباسط.

وفي حال كان المولود مجهول الأب فقط فإن والدته أو من يقوم مقامها تختار له اسمه واسم أبيه وجده لأبيه.

تكريس للمساواة

وفي معرض التأييد لهذا المشروع، قال عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، في تصريحات لموقع “هسبريس”، إن “إلغاء هذه التوصيفات من التسمية في سجلات الحالة المدنية يعد تكريسا للمساواة، على الأقل في التسمية، لأن التوصيفات من قبيل مولاي، لالة أو سيدي، تعتبر توصيفات تمييزية”.

وأوضح المتحدث أن “الصغار لا يستسيغون التفرقة بينهم وبين أقرانهم، بخلاف الحال في الأزمنة الماضية. وبالتالي، إلغاء هذه الألقاب يعد خطوة إيجابية وضرورية، ولا أرى بالمطلق أنها تدخل في إطار الحرية الشخصية للوالدين”.

وفسر الخضري ذلك بأن “الأجيال الجديدة أصبحت تواقة إلى المساواة والاندماج الاجتماعيين، مع بروز أسماء لا تنسجم أصلا مع إضافة هذا التوصيف”.

من جهته أوضح الإعلامي، جمال أمدوري، في مقال تحليلي نشره في موقع “العمق المغربي” أن هذا المشروع “انتصر للغة الأمازيغية”، إذ “أقر في مادته 13 ضرورة أن تحرر رسوم الحالة المدنية باللغة العربية، مع كتابة الأسماء الشخصية والعائلية لصاحب الرسم ولأصوله بحروف تيفيناغ والحروف اللاتينية”.

وقال إنه ” سبق لناشط أمازيغي يدعى حميد أيت علي أن طالب سنة 2017 بدفتر عائلي يحتوي على بياناته باللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، كشرط لتسجيل أبنائه، غير أنه لم يتم تمكينه آنذاك من طلبه”.

تمييز وتقييد

وعلى الجانب الآخر، يرى الرئيس السابق لعصبة حقوق الإنسان في المغرب، عبد الرازق بوغنبور أن القانون الذي كان من المفترض أن يلغي التمييز بين المغاربة قد زاد من ذلك بشكل أو بآخر.

ويوضح: “صحيح أن القانون نص على إلغاء ألقاب تسبق الأسماء الشخصية مثل مولاي وسيدي ولالة، ولكنه خصها بفئة معينة من ناحية العرق أو الانتماء الاجتماعي والذين يسمون الأشراف، ومن المفترض في الدولة المدنية الحديثة أن يكون الجميع سواء أمام القانون فلا يوجد في البلد عبد ولا سيد، بل مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات”.

ونوه بوغنبور إلى ضرورة أن يكون هناك مطلق الحرية لجميع الناس باختيار اسماء أولادهم سواء كانت أسماء عربية أو أمازيغية أو حتى أجنبية لأن ذلك يدخل ضمن الحرية الشخصية لأبناء الشعب المغرب.

وتابع: “في مرحلة ما كان يمنع إطلاق الأسماء الأمازيغية بشكل تام، ولكن مع نضال النخب الثقافية الأمازيغية المدعومة من الشعب جرى إلغاء تلك القرارت ولكن بشكل جزئي وليس تام”.

وزاد: ” فما زال هناك الكثير من الأسماء الأمازيغية يمنع إطلاقها على المواليد مثل اسم كسيلة، وهو اسم الملك الأمازيغي المتمرد الذي قتل عقبة بن نافع خلال الحروب التي أصبحت تعرف بالفتوحات العربية”.

من جهته يرى المفكر المغربي سعيد ناشيد أن القانون يخاطب الشكليات من حيث منع ألقاب التشريفات، “ولكن الشكليات تؤدي في بعض الأحيان إلى تاثيرات ثقافية وبنيوية على صعيد الاجتماعي والمساهمة في نقل هذا المجتمع إلى عالم ما بعد الحداثة أو جره إلى مستنقع الجمود وبقائه رهين فكر متحجر”.

وأوضح ناشيد أن الفكرة من هذا القانون هو إنهاء وجود هرمي في المجتمع قائم على منح بعض الناس أفضلية في مجالات عدة جراء انتمائهم إلى عرق معين أونسب محدد وما إلى ذلك مما يخالف روح الحداثة والعصر التي يجب أن تنظر إلى الإنسان ككائن مستقل لديه نفس الحقوق والاستحقاقات، وفي حال حدوث نوع من التمايز أو التفوق فإن ذلك ينبغي أن يكون عن جدراة واستحقاق جراء كل جهد أو طموح يحققه الإنسان في حياته”.

وشدد على أن وجود أي استثناءات أو تمييزات في قانون الأسماء سيبقي المشكل قائما، “لأن هناك مجموعة ستبقى لها الأفضلية بحكم النسب أو العرق وفي هذا أمر ينطوي على عنصرية وإقرار تفاوت طبقي أو اجتماعي وربما يمنح أصحاب تلك الأسماء حظوة حتى أمام القانون وفي أروقة المحاكم.

لا تضر ولا تنفع

أما عضو المركز المغربي لحقوق الإنسان، المحامية سعاد براهمة، فترى أن ثمة  إيجابيات القليلة في مشروع القانون، منوهة إلى أنه في حال إقراره سيقيد حرية الناس في اختيار أسماء أبنائهم، متسائلة: “ما المشكلة في أن يطلق أن شخص على ابنه اسم مولاي محمد أو لالة فاطمة، فأنا لا أجد أي غضاضة في ذلك، فهي مجرد أسماء عادية مركبة لا تضر أحد”.

وتابعت براهمة: “لا أرى أي مزايا في تقييد الأهل بمسألة اختيار أسمائهم، فما العيب أن يكون اسم الشخص طنجاوي أو بيضاوي أو غيرها من الأسماء المشتقة من أسماء المدن أو القبائل، فهي لا تحتوي على ألفاظ مشينة أو معيبة أو سيئة “.

وأكدت براهمة أن مشروع القانون قد لا يقر أو تجرى عليه تعديلات قبل أن يصبح نافذا، مضيفة “الميزة  التي أرها في مسودة القانون هو السماح بكتابة أسماء المواليد بأحرف اللغة الأمازيعية باعتبارها لغة رسمية في البلاد، وأما الكتابة بالأحرف اللاتينية فهذا أمر كان موجودا بالسابق عندما كانت الشهادات تكتب أيضا باللغة الفرنسية”.

ورأت أن مشروع القانون لم ينصف النساء،”فهو لا يسمح للأنثى بنسبة ابنها إليها بالشراكة مع الأب، كما أنه لا يجيز لمن أنجبت خارج إطار مؤسسة الزواج أن تنسب الطفل إلى أبيه رغم أن ذلك لن يرتب على الوالد أي حقوق أو غرامات مادية، ولكنه سيبعد عن ذلك المولود وصمة العار بأنه مجهول النسب”.

وأشارت إلى أن مشروع لم يأت بشي جديد لجهة إمكانية اختيار الأم اسم أب وجد لابنها لأن هذا الأمر معمول به بالفعل، بينما كان بالسابق يوضع في خانة الأب علامة “X” كناية عن أنه مجهول الأب، مما كان يسبب الكثير من المشاكل الاجتماعية والنفسية للأطفال مجهولي الآباء.

وأقرت براهمة أن مشروع كذلك أضاف ميزة جديدة من خلال الاعتراف بجنس “الخنثى”، موضحة: “حاليا يسجل جنس المولود على أنه ذكر أو أنثى ومن الصعب تغييره حتى لو أجريت عملية تصحيح أو تغيير للجنس لاحقا.. ولكن في حال إقرار المشروع سيسجل في خانة الجنس على أنه خنثى بعد تقديم الاثباتات اللازمة، مع إمكانية تغيير الجنس في الخانة لاحقا”.

img
الادمن

العدسة

اترك تعليقاً

العلامات

المنشورات ذات الصلة