fbpx

الجمعة 19 رمضان 1445هـ - 29 مارس، 2024

بعد استناد الرئيس التونسي على المادة 80.. جدل حول دستورية “التدابير الاستثنائية”

img

تعيش تونس لحظات عصيبة، جراء إطاحة الرئيس قيس سعيد بالحكومة وتجميد البرلمان، حيث استند الرئيس إلى المادة 80 من الدستور، في حين اعتبر خصومه أنها انقلاب ويجب معارضته في الشارع.

وفي بيان، أوضحت الرئاسة التونسية أن سعيد “استخدم الدستور” لإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي، وتجميد عمل البرلمان، لمدة 30 يوما، قائلا إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد.

يقول الحسين بوشينة، الناشط الحقوقي، إن قرارات الرئيس لا تستند إلى الدستور لأن المادة 80 تنص على إبقاء البرلمان في حالة انعقاد، واصفا خطوة سعيد بأنها ضد الحكم الديمقراطي.

وأضاف “التونسيون يقفون ضد حكم الفرد؛ الحكم الفردي خطر على جميع القطاعات”.

وفي المقابل تصف روعة صالحي أستاذة القانون الدستوري أن خطوة سعيد بغير المسبوقة لكنها “ممكنة دستوريا”، خاصة وأن الرئيس اعتمد على “تجميد” وليس “حل” البرلمان. وقالت إن تجميد البرلمان لا يتعارض مع “حالة الانعقاد”.

على ماذا تنص المادة 80؟

وتأتي المادة 80، أو الفصل 80 كما يسميه الدستور التونسي، ضمن اختصاصات رئيس الجمهورية التي يشملها (الباب الرابع: السلطة التنفيذية).

وتنص هذه المادة على أنه “لرئيس الجمهورية، في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.

وبعد مضي ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية، بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.

وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب”.

لكن رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) راشد الغنوشي نفى استشارته من قبل سعيد لتفعيل المادة 80 من الدستور، قائلا: “غير ذلك هو ادعاء كاذب”، وفق ما جاء في بيان صادر فجر الاثنين عن مجلس النواب.

وفي الساعات الأولى من صباح الاثنين، وصل الغنوشي إلى مبنى البرلمان، حيث قال إنه سيدعو إلى جلسة تحد لسعيد، لكن قوات الجيش المتمركزة خارج المبنى منعت الغنوشي من الدخول.

ولكن بالمقابل، نقلت رويترز، الاثنين، عن مصدر وصفته بأنه “مُقرب” من المشيشي، ومصدران أمنيان،  قولهم إن “المشيشي في منزله وليس رهن الاعتقال”.

وفيما يتعلق بالمحكمة الدستورية التي نصت عليها المادة 80 فهي لم يتم تشكيلها حتى الآن. وفي أبريل الماضي، قال سعيد إن البرلمان تجاوز المهلة الزمنية لتشكيلها.

وقد فشل السياسيون منذ 2014 في انتخاب محكمة دستورية تفصل في النزاعات الدستورية بالبلاد، بسبب عدم الاتفاق على مرشحين يحظون بدعم واسع.

وجاءت خطوة سعيد بعد يوم من الاحتجاجات ضد الحكومة وحزب النهضة الإسلامي المعتدل، وهو أكبر حزب في البرلمان، عقب زيادة في الإصابات بفيروس كورونا، وتزايد الغضب من الخلل السياسي المزمن والمشكلات الاقتصادية.

ولا تعتقد صالحي أن قرارات سعيد تهدد ديمقراطية تونس، قائلة: “يبدو أن الرئيس زاد يقينه بمسألة الخطر الداهم من خلال التحركات التي شهدها الشارع”.

وحول مفهوم “الخطر الداهم” الذي نصت عليه المادة الدستورية، قالت: “هناك ظواهر يعرفها المواطن وأخرى غير ظاهرة ربما استند إليها الرئيس من خلال الاستخبارات”.

وقبيل الإعلان عن قراراته، نشرت رئاسة الجمهورية التونسية صورة لسعيد وهو يترأس “اجتماعا طارئا” للقيادات العسكرية والأمنية.

ليطل بعدها سعيد في خطاب مصور بالفيديو أعلن عن جملة من التدابير التي وصفها بـ”الاستثنائية”.

قرارات أخرى

ويقول بوشينة: “الإشكال ليس في الدستور والقانون، بل في فشل الطبقة السياسية والحكومات المتعاقبة، وقدرة الرئيس على جمع الشعب التونسي”.

وعما إذا كان النص الدستوري للمادة 80 يتعارض مع قرارات سعيد، وهو أستاذ قانون دستوري سابق، يقول بوشينة: “ربما هو تأويل شخصي للرئيس في ظل فشل الحكومة والاحتقان في الشارع”.

بينما ترد صالحي، قائلة: “لم يكن أمام الرئيس أي حل آخر وكان مجبرا على اتخاذ قرار حاسم (…) أما الشعب فلم يعد مهتما بالقانون والدستور بقدر اهتمامه بالبحث عن لقمة العيش”.

وأضافت “عبر قراراته الأخيرة، لعب الرئيس دور الطبيب النفسي لتهدئة الناس التي تعاني من احتقان عمره سنوات”.

وتعتقد صالحي أن الاحتقان الشعبي سببه الحكومة والبرلمان وسوء الوضع الاقتصادي وزيادة الإصابات بمرض كوفيد-19.

وكان الرئيس التونسي أعلن قرار توليه السلطة التنفيذية، بمساعدة رئيس حكومة يعينه بنفسه، قائلا إن جملة من القرارت الأخرى ستصدر في شكل مراسيم “وفق الدستور حتى تعود السلم الاجتماعية لتونس وحتى ننقذ الدولة والمجتمع”، حسب تعبيره.

وتنتظر صالحي “خطوات أخرى، مثل الإعلان عن موعد انتخابات مبكرة، لتتضح الصورة أكثر”.

img
الادمن

العدسة

اترك تعليقاً

العلامات

المنشورات ذات الصلة